تقارير

(أصدقاء السودان) .. التحول من دعم الاقتصاد الي المبادرة الأممية

تقرير: ST
شهدت ثلاث سنوات الماضية من عمر الفترة الانتقالية انعقاد خمسة مؤتمرات تحت مظلة (أصدقاء السودان) بكل من برلين وواشنطن والخرطوم والرياض وباريس بهدف حشد دعم المانحين الدوليين والبنك الدولي والأصدقاء والأشقاء الى دعم الاقتصاد السوداني والتنمية، و دعم حكومة الفترة الانتقالية لإنفاذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ، بينما تعكف المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على عقد مؤتمر سادس لأصدقاء السودان بالرياض للمرة الثانية ، ولكن هذه المرة ليست لدعم الاقتصاد والتنمية، وانما تحول الدعم إلى الانتقال الديموقراطي عبر دعم المبادرة الأممية لإكمال التحول الديموقراطي بالسودان.
وكان مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز قد جدد ترحيبه بمبادرة الحوار السودانية التي ترعاها الأمم المتحدة بجانب دعم الرياض لكل ما من شأنه أن يدعم وحدة وصون الأمن والاستقرار في السودان.
وذكرت تقارير صحفية، أن المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الافريقي سيبدأ زيارة إلي السعودية في الفترة من (17 الي 20) لحضور مؤتمر أصدقاء السودان بهدف حشد الدعم الدولي لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان وتسهيل انتقال متجدد نحو الديمقراطية في السودان بقيادة مدنية. ورحب خبراء اقتصاديون بانعقاد مؤتمر أصدقاء السودان بالرياض وانتقال الدعم من الاقتصاد إلى التحول الديمقراطى، بينما تباينت آراء الخبراء بشأن نجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه والدعم المطلوب لإنجاح الانتقال الديموقراطي وتجاوز الأزمة الاقتصادية في ظل تعليق المساعدات الدولية إلي السودان بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.

انتقال خطير
ووصف دكتور محمد سرالختم الخبير الاقتصادي، انتقال اصدقاء السودان من دعم الاقتصاد إلى دعم المبادرة الأممية والتحول الديمقراطى فى السودان بأنه انتقال خطير في التوجه الدولي، واضاف: الآن المخابرات الدولية تتدخل بقوة في الشأن السوداني، كما أنه لا توجد داخل الدولة أي إدارة موحدة للتعامل هذه المخططات الدولية، كما أن مؤتمرات اصدقاء السودان الخمس التي عقدت في الفترة الماضية كلها كانت وعود جوفاء لم تنعكس على الواقع السوداني والاقتصاد الوطني.
ومضي دكتور محمد سرالختم إلى القول بأن الوضع في السودان الآن يزداد تعقيدا في ظل الاختلاف بين المكونين المدني والعسكري والاختلاف داخل المكون العسكري، بالتالي لا توجد رؤية واضحة بشأن الانتقال الديموقراطي سوي رؤية المكون العسكري الذي حدد موقفه والتزامه باكمال مهام الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات في موعدها وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة، بينما المكون المدني منقسم وتتزعمه واجهات هلامية ليست لديها رؤية واضحة للحل السياسي.

فشل مؤتمر أصدقاء السودان
وتوقع دكتور محمد سرالختم فشل مؤتمر أصدقاء السودان المزمع عقده بالعاصمة السعودية الرياض في تحقيق أهدافه في دعم التحول الديموقراطي بالسودان، بعد أن فشلت مؤتمرات اصدقاء السودان الخمس في دعم الاقتصاد السوداني، وعزا فشل مؤتمر أصدقاء السودان المزمع عقده بالعاصمة السعودية الرياض الي تعقيدات الوضع السياسي في السودان، وانقسام المكون المدني مما يصعب مهمة المؤتمر في تحديد ايهما يدعم .. الاقتصاد السوداني الذي يقف على حافة الانهيار .. ام دعم التحول الديموقراطي في ظل انقسام المكون المدني واختلافه مع المكون العسكري ..؟ .

نجاح مؤتمر الرياض
لكن دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي، يري أن مؤتمر أصدقاء السودان المزمع عقده بالعاصمة السعودية الرياض سينجح في تحقيق أهدافه بما تملكه المملكة العربية السعودية من قبول لدى الأطراف السودانية ، وما تملكه المملكة من خبرات وتجارب في التعامل مع مثل هذه القضايا الخلافية ونجاح الرياض في طي خلافات اللبنانين في مؤتمر الطائف والذي أسس لبناء دولة لبنان، وبالتالي يمكن أن تنجح المملكة العربية السعودية في احداث اختراق في ملف الأزمة السودانية وجمع الأطراف السودانية علي مائدة واحدة والوصول إلى تسوية سياسية وتقديم الدعم اللازم لاحداث الإستقرار السياسى فى السودان.

عودة دعم المانحين
وتوقع دكتور هيثم ، أن تنجح المملكة العربية السعودية في إقناع المانحين الدوليين والبنك الدولي بفك تعليق المساعدات الدولية والإقليمية للسودان، بجانب الدعم الذي تقدمه الرياض إلى السودان لاحداث الإستقرار السياسى والاقتصادي وتدفق المنح والقروض والاستثمارات الأجنبية والسعودية للاستثمار في السودان.

وصف دكتور هيثم انتقال اصدقاء السودان من دعم الاقتصاد إلى دعم المبادرة الأممية والتحول الديمقراطى فى السودان بأنه مهم جدا لاحداث الإستقرار السياسى فى السودان وجمع الأطراف السودانية فالدعم الدبلوماسي والسياسي مطلوب لاستقرار البلاد.

ارتباط الدعم الاقتصادي بالسياسي
وفي السياق رحب الاستاذ محمد نور كركساوي الخبير الاقتصادي، بزيارة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الافريقى السيد استارفيلد لكل من الرياض ، اثيوبيا لتنشيط الجهود السابقة لمبادرة دول أصدقاء السودان الاربعة اثيوبيا ،الإمارات ، السعودية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتى اسفرت عن المبادرة الأخيرة للأمم المتحدة ووصول مبعوثها فوكلر للخرطوم هذا بالإضافة إلى وفد الإتحاد الافريقي،خاصة أن كل هذه الوفود هدفها جمع الفرقاء السودانيين واقناعهم للجلوس الى طاولة الحوار والتوصول الى حل يرضى كل الاطراف ويوصلهم الى الدولة المدنية المرتقبة.
واضاف: لكن زيارتهم هذه المرة لحشد الدعم المادى ، العينى والسياسي لمبادرة المبعوث الاممى كى يستمر فى مهمته حتى نهايتها المرجوة، وهذا يبرر لماذا تحول الدعم الى المبادرة الاممية بدلا عن الاستمرار فى الدعم الاقتصادى السابق ؟
واوضح كركساوي ان الدعم الاقتصادى الاممى من منح، قروض واعفاءات للديون، والإجراءات الاقتصادية الخاصة بالبنك الدولى وصندوق النقد الدولي والتى تتمثل فى الاصلاحات الهيكلية للاقتصاد السودانى من تحرير سعر الصرف ورفع الدعم السلعى … الخ، كان مرتبطا بجانب اخر من الاشتراطات وهى تشمل الاصلاح السياسى وتتمثل فى التحول المدنى الديمقراطى واحترام حقوق الإنسان وما تضمنته الوثيقة الدستورية الموقعة بين المكونيين العسكرى والمدنى فى ٢٠١٩ و٢٠٢٠ م ، ولكن بسبب احداث ٢٥ اكتوبر الماضى وما صاحبتها من إجراءات فى التعديلات على هذه الوثيقة والغاء شراكة الطرف المدنى والمتمثل فى( ق ح ت) مما أدى إلى إلغائها واعاقة الوصول بالفترة الانتقالية الى غاياتها وهى مرحلة الانتخابات كل هذا جعل الدول المانحة تجمد الدعم الاقتصادى وفقا لتطبيق بنوده ، ولن يعود هذا الدعم الاقتصادى الا بعودة الاستقرار السياسى بتوافق الجميع لقيام حكومة انتقالية تفضى الى قيام حكومة مدنية منتخبة خلال فترة زمنية محددة.

تحقيق نتائج إيجابية
وفي السياق توقع دكتور علي الله عبدالرازق الخبير والمحلل الاقتصادي ، ان يحقق مؤتمر أصدقاء السودان الذي ستستضيفه العاصمة السعودية الرياض لدعم الانتقال فى السودان نتائج إيجابية لصالح إدارة الانتقال فى السودان ، و تقديم مساعدات مالية عاجلة للسودان و يمكن كذلك أن يلعب دورا نشطا فى حشد الدعم الجزئي من المجتمع الدولى ، لاجل إيجاد بيئة داعمة للاستقرار السياسي و الاقتصادي.
واضاف: ياتى مؤتمر أصدقاء السودان بالرياض فى ظل ظروف بالغة التعقيد على المشهد السياسى و الاقتصادى للسودان و تجارب غير مطمئنة ، لاسيما ان مؤتمرات أصدقاء السودان( المموليبن و المانحين السابقة) قد افرطت فى المبالغة فى الوعود السخية ولم تلتزم بها و ذهبت ادراج الرياح .
واضاف: حتي لاتجد الحكومة الانتقالية نفسها مره اخرى فى مواجهة تبعات الخذلان للمجتمع الاقليمى و الدولي للثورة السودانية يجب من إعلاء المشاركة الفاعلة الجادة مع كل المهتمين بالشأن السودانى، كما ياتى انعقاد مؤتمر أصدقاء السودان بالرياض فى ظل أوضاع انتقال مزرية اخذه فى المزيد من التدهور فى كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية و السياسية ، بكل تداعياتها المحتملة فى رفع وتيرة الازمة فى السودان مستقبلا ، بجانب أن المؤتمر يأتي وسط ترقب و إمال كبيرة سواء على صعيد الحكومة او الرأى العام ، و بالتالى يمكن ان يكون منبرا مناسبا ليظهر فيها المجتمع الدولي و الإقليمي دعمه المباشر لإنقاذ اقتصاد السودان و مساعدة الفترة الانتقالية بالخروج من المأزق الماثل و غيرها من التحديات التى تواجه الحكومة الانتقالية، كما يمكن من خلال المؤتمر كذلك توفير دعم مالى و فنى و دبلوماسي سريع و بصفة عاجلة يساعد السودان فى تجاوز تحدياته الماثلة.

اعلان نوايا صادق
ولانجاح المؤتمر وجودة مخرجاته طالب دكتور على الله، الحكومة الانتقالية بإعداد سجل جيد لإعلان النوايا الصادقة ، الذى يؤكد حرص الفاعلين السياسيين بغرض الوصول لاتفاقات و حلول منتجة تصب فى صالح شركاء الانتقال فى السودان، وبالتالي يكون المؤتمر قد أرسى منصة جديدة لدعم جهود الانتقال فى السودان و إقالة عثراته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *